أخر الاخبار

القصَّة وراء جيرالد كوتين وعملية الاحتيال الكبيرة

كيف سرق رجل واحد أكثر من 200 مليون دولار في صناعة العملات الرقمية؟
تعدُّ المنصَّات اللامركزية عموداً مهماً وضرورياً للعملات الرقميّة المشفرة، فهيّ تسمح بشراء العملات وبيعها وتخزينها. وفي حين أن معظم المنصات اليوم شرعيةً، وتركِّز على الأمان والخصوصية للمستخدم، لكنها لم تكن على هذه الحالة في الماضي.

إليكم قصَّة QuadrigaCX، ومالكها المجرم، وعملية الاحتيال التي تقدَّر بـ 190 مليون دولار!

QuadrigaCX: ماذا كانت تعني؟

QuadrigaCX: ماذا كانت تعني؟
كانت QuadrigaCX بورصة عملات رقميّة مشفَّرة كندية أسَّسها جيرالد جيري كوتين ومايكل باترين في عام 2013. كانت العملات الرقميّة آنذاك لا تتمتع بما تتمتع به اليوم من انتشارٍ وقيمة، مما جعل المنصّة تركّز على عملة واحدة تتعلق بها الآمال؛ البيتكوين.

نَمت الشركة الكندية تدريجياً على مرَّ السنين لتجمع أكثر من 350 ألف عميل بحلول عام 2017 (بحلول هذه المرحلة، لم يعد مايكل باترين مشاركاً في المشروع). يمكن أن يُعزَّى جزءٌ كبيرٌ من قاعدة العملاء المتزايدة هذه إلى طفرة البيتكوين في عام 2017. فخلال ذلك العام، ارتفعت قيمة البيتكوين من 998 دولاراً إلى ما يقرب من 20000 دولار للعملة الواحدة، مما أدَّى إلى موجة من الاستثمارات الجديدة في السوق وبعض النمو الصحي لمجموعة واسعة من المنصَّات اللامركزية.

لكن هذا النجاح لم يدُم. كما نعلم جميعاً الآن، لا يمكن التنبؤ بسوق العملات الرقميّة المشفرة، فحتى أكثر محللي البيتكوين خبرةً لا يستطيعون البت بااتجاه السوق. لقد رأينا مدى التقلب في بداية عام 2018 عندما بدأ سعر البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى في الانخفاض وانهار في النهاية. أدّى ذلك إلى إحداث موجات من الصدمة عبر الصناعة برمتها، وبدأ أولئك الذين وضعوا الأموال في العملات في سحب استثماراتهم، سيطر عليهم خوف عدم تعافي البيتكوين وأن هذه النكبة ستكون القشَّة، وأن المستقبل أظلماً حالكاً لا محال وليس هناك ضوءٌ في نهاية النفق المظلم اللانهائي الذي يبتلع سواده بريق البيتكوين الذهبيّ.

كان لهذا تأثيراً كبيراً على بورصة QuadrigaCX ومعظم البورصات الأخرى العاملة في ذلك الوقت. ولكن، على عكس الأغلبية، كانت QuadrigaCX تواجه مشكلةً جديدة في أعقاب انهيار البيتكوين، وذلك لأن مؤسّسها، جيرالد كوتين (Gerald Cotten)، قد بنى البورصة بالكامل على كذبة!

من كان جيرالد كوتين؟

جيرالد كوتين
إذا أخذت جيرالد كوتين في ظاهره، فمن المحتمل أن تقول إنه رجلٌ لطيفٌ للغاية. بدا كوتين يعرف بشخصيته الخجولة الودودة في المقابلات. لقد كان مؤيداً كبيراً للعملات الرقميّة المشفّرة وكان عضواً في Bitcoin Co-op (مؤسّسة تسعى للنهوض بالبيتكوين) جنباً إلى جنب مع الداعمين الآخرين لهذا السوق. كما ركز على تثقيف الجماهير حول العملات الرقمية، وهو الأمر الذي أوضحه منذ البداية. ظاهرياً، لا يبدو أن هناك أي شيء مقلق بشأنه على الإطلاق، ولكن هل هو كذلك؟

أظهر كوتين اهتماماً بالتكنولوجيا منذ سناً مبكرة، ولكن هذا الاهتمام قاده إلى الجريمة وهو في سن الرابعة عشرة فقط. كشف مؤخراً من قبل مُخبر مجهول يعرف باسم QCXINT، أن كوتين قام بعمليات الاحتيال عبر الإنترنت، وخدع الناس بأموالهم قبل حتى بلوغ سن الرشد. لكن لم يكن أحداً على علمٍ بالمعاملات غير المشروعة إلا بعد أحداث 2018 و 2019.

في ديسمبر 2018، خلال شهر العسل في الهند رفقة عروسته جينيفر روبرتسون، توفي كوتين فجأة بعد مرضه، بسبب معركته مع داء كرون (وهو التهاب مزمن غير معدٍ يسبب التهاب بطانة الجهاز الهضمي (من الفم إلى فتحة الشرج)). صُدم فريق QuadriagaCX وعشاق العملات من هذا الخبر، ولكن المستقبل القريب يخبئ المزيد من الاكتشافات الصادمة..

بعد وقت قصير من وفاته، في عام 2019، تم إغلاق منصّة QuadrigaCX مؤقتاً للصيانة. وهذا الفاصل المؤقت للصيانة ابتلع الوقت، حيث لم تُفتح البورصة من جديد، وبقي أكثر من مائة ألف عميل تائهون دون وسيلةً لسحبِ أموالهم من هذه المنصّة.

إذن، لماذا لا يستطيع عملاء QuadrigaCX سحب أموالهم؟ حسناً، هذا هو المكان الذي تظهر فيه نوايا جيرالد كوتين الحقيقية.

احتيال QuadrigaCX

كيف سرق رجل واحد أكثر من 200 مليون دولار في صناعة العملات الرقمية؟
باختصار، السبب في عدم تمكن العملاء من الحصول على أموالهم هو أن جيرالد كوتين قد أخذها لنفسه. لم يتم تطوير QuadrigaCX أبداً لتصبح بورصة تداول شرعية. بدلاً من ذلك، كان كوتين يأخذ أموال متداول ويطعيها لآخر عندما يرغب الآخر بسحب أمواله.

لهذا السبب، عندما بدأ العديد من العملاء في سحب أموالهم بعد انهيار البيتكوين، لم يعد بإمكان كوتين تلبية هجمة الطلبات الكبيرة تلك. حيث بات مصير العملاء مجهولاً، فقد ينتهي الأمر إما بالانتظار لأسابيع أو شهور لتلقي أموالهم أو عدم استلامها أبداً.

هذا عن السحب، ولكن ماذا عن التخزين؟ حيث في المعتاد، إن من يخزِّن عملاته فهيّ آمنة ويسهل عليه سحبها، أليس كذلك؟ للأسف لا. اتَّضح أن كوتين كان يضع تحت يده جميع العملات في المحافظ الباردة، ويستخدمها كما يحلو له!

تمكَّن كوتين من تحويل ما يقرب من 190 مليون دولار إلى بورصات أخرى، وقد استخدم بعضاً من الأموال لدعم أسلوب حياته الراقي، لكن معظم الأموال الأخرى، لا يعلم أحداً عنها شيئاً ولا طريقة للوصول إليها، حيث كان كوتين متحفظاً جداً على محافظه ولم يشارك مفاتيحه الخاصَّة مع أيّ شخصٍ آخر.

هناك أيضاً الكثير من الشكوك المحيطة بوفاة كوتين، على الرغم من أن طبيبه قد أكَّد الادعاء بأنَّ المنيّة قد وافته، وهناك شهادة وفاةٍ رسمية، ولكن يعتقد الكثيرون أن كوتين زيف وفاته لتجنب الملاحقة القانونية والاستمرار في الاستمتاع بأسلوب حياته الفاخر في سلام. وبالطبع، لم يغب عن الشرطة التحقيق مع خطيبته، لكنها هيّ أيضاً لا تعرف الكثير.

سواء كان معنا أم ذهب إلى الحياة الأخرى، لقد نجح كوتين في عملية الاحتيال الكبيرة هذه وتمكَّن من خداع أكثر من مائة ألف عميل ساهموا بثروته دون قصدٍ.




وضع القراءة :
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-