أخر الاخبار

لماذا التجارة الإلكترونية معدومة بالعراق؟

لماذا التجارة الإلكترونية معدومة بالعراق؟
التجارة الإلكترونية (e-commerce) تكاد تكون شبه معدومة في العراق على الرغم من كونها مشهورةً جداً في أغلب بلدان العالم على هذا الكوكب باستثناء العراق.
مليارات الدولارات تتداول في التجارة الإلكترونية وملايين الأشخاص يشترون المنتجات عبر الإنترنت (ملابس، إلكترونيات، أدوات منزلية..) وأصبحت شيئاً طبيعياً في بعض بلدان العالم كالتسوق من المتاجر المحلية وحتى المتاجر المحلية قامت بترقية عملها ونقلتهُ إلى العالم الرقمي لمواكبة التطور التكنولوجي الهائل في عالمنا الحالي.
العالم ينمو ويزدهر بفضل التكنولوجيا (بغض النظر عن العيوب والمخلفات) نحن هنا نُركز على الجانب الإيجابي قبل السلبي.
لذا وسط ازدهار ونمو التجارة الإلكترونية (والتكنولوجيا بشكل عام) لماذا لا نرى ذلك في العراق؟

التجارة الإلكترونية في العراق: ما سرّ الغياب؟

في العراق لا توجد أسرار! كُلّ شيء واضحٌ جداً كـ وضوح الشمس في فصل الصيف. الأصابع والاتهامات والخيوط والأدلة أجمع تأخذك نحو الواقع السياسي في البلاد، للأسف السياسة بحالة مزرية جداً والتطور والازدهار والنمو والمستقبل يتعلق بالسياسة فهي من تصنع القرارات وتنفذها على أرض الواقع ولذا يجب أن يسعى الحكام والقادة السياسة إلى حكم العراق كـ عراق فقط والتطلع إلى مستقبل العراق (ليس الدول الأخرى) والحكم على أساس إنساني وليس كما يحصل الآن!
ولكن هذا الكلام غير مُفصل، أن تقول أنَّ السبب سياسياً فقط فهذا غير كافٍ، يجب أن نُسرد التفاصيل الكاملة لكي نكون مُحقين بشأن رأينا الذي يقول أنَّ الخراب هو خراب سياسي قبل أن يكون اجتماعي.

غياب الحاكم: كيف تؤثر السياسة على تطور البلد تكنولوجياً؟

لماذا التجارة الإلكترونية معدومة بالعراق؟
حسناً، أعلم أنَّ العراق لا يحكمهُ حاكماً واحداً، على الرغم من كون البلد يعمل بنظام برلماني ألا أن الغرف المظلمة لها تأثيرها بكيفية حكم الدولة وكيفية تسيير الأمور وسنّ القوانين وتطبيقها على أرض الواقع (كلام واضح لا غبار عليه نقلاً عن صناع القرار السياسين السابقين والحاليين).
فضلاً عن ذلك فإن البلد يعاني من عدم سيطرته على الأسلحة التي أصبحنا نراها في الشوارع في وضح النهار وبيد أطفال (عقلاً) أو كما يطلق عليه في السياسة: السلاح المنفلت.

كيف يؤثر السلاح المنفلت على تطور البلد؟

لماذا التجارة الإلكترونية معدومة بالعراق؟
هل تعتقد أن أمازون إذا أتت إلى العراق وأنشأت مخازنها ستوافق على دفع أتاوات خارج الإطار القانوني لمجرد تهديدها من قبل مجموعة مسلحة؟ بالطبع لا ستقول لهم اذهبوا إلى الجحيم وسنرى الاستعراضات للسلاح الخارج إطار الدولة (وتحت إطار الدولة في الوقت نفسه! أمر عجيب!) وسيذهب مسئول أمازون إلى الحكومة لتبليغها وماذا ستفعل الحكومة؟ أترك التخمين لكَ!.
ستُجبر أمازون إما على دفع الأتاوة (99% لا) أو تأخذ مخزونها وترحل أو تتسبب بحرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وهذه المجاميع المسلحة فالولايات المتحدة لن ترضى بأن يمس مجموعة أشخاص يحملون سلاح غير مرخص بتهديد شركتها (من المفترض أن الحكومة العراقية هي من تحد من هذه الظاهرة ولكن ليس باليد حيلة فنحن نعلم ما نعلم عن واقع السياسة العراقية).
فإذن، الشركات تُلقي نظرة على البلد وأمن البلد قبل أن تخطو خطوة تُجازف بها لأجل نتائج غير مضمونة.
إذن المشكلة سياسية بحتة! هذا الملف يُبنى منذ 18 عامًا ويُخطط له ما قبل الـ 18 عام، حلهُ أشبه بالمستحيل ولكن ليس هناك مستحيلاً على الشعوب إن أرادت تغيير واقعها فإن اتحد الشعب وثار متكاتفاً فسيسترجع وطنه!
لنقل أنَّ أمازون أتت بغض النظر عن المشكلة أعلاه، ما الذي قد يعيقها أيضاً؟

الإنترنت والسحلفاة: متى سينتهي السباق؟

لماذا التجارة الإلكترونية معدومة بالعراق؟
التجارة الإلكترونية تعتمد على خدمة الإنترنت والعراق صُنّف البلد الأسوأ عالمياً (لقراءة تفاصيل الخبر: العراق يتصدر قائمة أسوأ وأبطأ سرعة إنترنت في العالم) فتخيل أن موظف أمازون ينتظر ربع ساعة كي تُحمَّل صفحة الطلبات! بئساً، سيقدم طلب استقالة على الفور (غالبًا ما ستجده مستعداً وواضعاً لورقة الاستقالة في الجيب الداخلي لسترته!).
حسناً أين وزارة الاتصالات العراقية؟ (طفي الراوتر وشغله!) ابحث عن ملف الاتصالات في العراق وسترى العجائب العَشر (عجباً أليست سَبع؟ أنت في العراق لا تستغرب!).
المشكلة سياسة فيها ملفات كبيرة جداً ونترك السياسة للسياسين.
لنقل إن ستارلنك ستحلّ مشكلة الإنترنت، ماذا بعد؟

هل يوجد بريد عراقي؟

قد لا تتفق مع صيغة السؤال أعلاه، قد تقول أن هنالك نظام بريدي في العراق ولكن مهلاً أنا لا أراه! كلما ذهبت إلى البريد أجدهم يأكلون مجتمعين معاً وهنا اتساءل هل هم موظفين لكي يجتموا ويأكلوا معاً أم ماذا يفعلون بالتحديد يا ترى؟ سَبق وأن تحدثت عن هذه المشكلة ولكن لا بأس سأختصرها لك:
أذهب أنت سيراً على الأقدام (لا يهم المسافة) وأوصل الطرد الذي تود إرساله لشخصاً ما وعاود السير إلى بيتك مهما كانت مسافة الطريق، هنا ستكون أسرع بـ 10 مرات من البريد الحكومي! وجوده من عدمه لا يؤثر قطعاً فما ذهبت إليهم يوماً إلا ووجدتهم يأكلون معاً ولكي أكون مُنصفاً في بعض الأحيان أجدهم يشربون الشاي معاً ويتحاورون كيفية لف الدولمة وما هي المكونات التي تجعلها لذيذة! تجاربي سيئة جداً مع البريد الحكومي (الطرود تدخل في غيبوبة لمدة أشهر ومن ثم تظهر، إهمال، عدم إكتراث، لا يتم إعلامك بوصول الطرود (غالباً ما)، طبعاً بغض النظر عن توصيل الطرود الذي ليس موجوداً قطعاً، ترغب بأخذ طردك؟ أذهب أنت وأجلبه لنفسك إن وجدته.
من يمكنه إصلاح البريد الحكومي العراقي؟ السياسين طبعاً وليست طريقة لف الدولمة.
لنقل حُلّة مسألة البريد، ماذا بعد؟

الخدمات المصرفية: في أيّ زمن نحنُ؟

لماذا التجارة الإلكترونية معدومة بالعراق؟
عندما تذهب إلى موقع البنك المركزي وتدخل إلى قوائم المصارف الأهلية والحكومية والأجنبية ستتفاجأ من عددها ولما تأتي إلى الواقع تستغرب: أين هي أنا لا أرها؟ (ليست دورا!) هناك بعض المصارف الأهلية التي تعمل بدوام منتظم ولكن مهلاً نحنُ في 2020، هل تعون ما أتحدث عنه؟ إن كان للمصرف تطبيقاً للقيام بتحويل الأموال والاستعلام عن الرصيد والتحكم في الحساب المصرفي والبطاقة الإئتمانية فإن تصميمه يعود إلى سنة 2000! أي مُتأخر بـ 20 سنة عن واقعنا التكنولوجي اليوم! تصميم سيء بامتياز، آلية عمل سيئة بامتياز، الحلزون أسرع من تحميل التطبيقات! الشعور الذي ينتابك هو أنهُ لا توجد شركات برمجة والبرمجة شيء نادر وإلا كيف تفسر وجود هكذا تطبيقات ومواقع ويب بهذه الجودة؟
قد تقول أن الخلل من المصارف نفسها ولكن يا عزيزي للسياسة دور في كل معالم الحياة، فالبنك المركزي قادر على وضع شروطه الأساسية لكل جهة مصرفية لا بُد من أن تكون هناك أسس وشروط معينة.
هنا قد تتساءل  كيف تربح بعض المصارف التي لا تهتم للموضوع كله؟ لنترك الموضوع للغرف المظلمة!
المسألة واضحة ولكن مهلاً هناك تناقض واضح فأن لست منصفاً! هل المجتمع لا ذنب له؟ بالطبع لا فنحن بحاجةٍ إلى حملة توعية كبيرة عن التجارة الإلكترونية والمجتمع يتحمل مسئولية التوعية ولكن لنكن واقعيين كيف لنا أن نبدأ بالتوعية ونحنُ لا نمتلك أبسط متطلبات التجارة الإلكترونية؟ في ظل السلاح المنفلت وغياب القرار السياسي الصارم فإن توعيتنا نتائجها = 0.
آمل أن يتغير ذلك الواقع المرير فالعراقيين يستحقون حياة أفضل فهم يمتلكون حضارة وثقافة وعلم ولكن الواقع السياسي المؤلم وجه رصاصة الرحمة وجعل البلد في حالة من الفوضى وأصبح مُستعمراً وهذا أمراً واضح لا غبار عليه.



وضع القراءة :
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-